د. مسعود فکري، أستاذ جامعي
كثيرا ما يتردد على لسان المحللين العسكريين أن الحرب تأتي على الرطب و اليابس فالطلقة الأولى لا تحدد الطلقات التي تتابعها وتنبثق منها. وإنها هي التي تشن الحرب الضارية المفتوحة بأوزارها وأواصرها. كما آن رحاها لايدور كما يريده المتحكم بها. فليس خافيا على أحد أن ما يجري في معترك المنطقة من زعزعة الأمن وانمحاء الاستقرار وحث الآخرين في التدخل والتورط المباشر وغير المباشر في دائرة الاشتباكات القائمة لا يمكن أن يقف عند حدوده المرسومة في غرف التحكم أو عبر اتصالات هاتفية بكلمات وردية وإنما يوجهه مدى صمود الشعوب الواقعين تحت نواجذها واحتفاظهم بسيادتهم الوطنية و الممانعة التي يتمسك بها كل بلد في مواجهة التهديدات التي تأتي من كل جانب و تحاول المس من أمنه القومي وسيادته الوطنية.
ففي العلوم السياسية تعني هذه السيادة مجموعة من العناصر التي تؤمن الأمن والاستقرار وتحول دون الزعزعة والانفلات. وهذا إن دل علي شيء فإنه يدل على أهمية الحفاظ على السيادة الوطنية والأمن القومي كعنصرين أساسيين بكل ما لهما من مدلول. فلا يمكن التلاعب بهما كما لا يجوز التساوم عليهما. ففي هذا الإطار يمكن إعادة التعريف لكل مبادرة تتم في الدفاع عنهما وطرح التهديدات أو المؤامرات المدسوسة و المختلقة للحط من شأنهما.
فلو رجعنا إلى ما نشاهده اليوم بأم أعيننا وبالتحديد في حرب 100 يوم على غزة المضطهدة غيرالمقهورة والتي تدعو إلى توريط الأطراف الأخرى بين حين وآخر بنعرات إعلامية أو مشاغبات عسكرية، نجد بوضوح أن الصهاينة يحاولون استغلال الظروف لتطبيق مخططاتهم التآمرية باستخدام أجندتهم العميلة المتترسة بتسمية العصابات الإرهابية وبشتي الآليات اللاشرعية لنيلهم الأغراض المشؤومة.
فتارة يدعون بأن العتاد العسكري لدى كتائب حماس تم بتزويد إيران إياهم وأخرى يصرخون بأن المجاهدين اليمنيين متابعون للسياسات الإيرانية ومؤتمرون منها وغيرها من الهتافات التافهة التي لا تقنع حتى عقلية قائليها. لكن ما يبقي رهن القرار و عدم دخوله في بوطقة النسيان خلال هذه الأيام العصيبة و الظروف القاسية و تحت وطأة هذه الحرب الدامية و ضراوة هذا الصراع الطاحن أن غرامة كل جريمة لابد وأن تدفع من حسابات أهلها وصناع قرارها. فمن الغباوة أن يزعم المتورطون في التهديات الأمنية الموجهة إلى إيران التي تجسد واحد منها في مشهد التفجيرات الواقعة على مقبرة الشهيد البطل حاج قاسم سليماني بمدينة كرمان والذي لم يكن فريدا من نوعه في العمل الإجرامي ضد الأبرياء من الأطفال والنساء، أن يعيشوا في أمن و سلام بأوكارهم الواهنة و ينالوا من الأمن القومي الإيراني و السيادة الوطنية لها. فإطلاق الصواريخ الإيرانية على بيوت العنكبوت في إقليم كوردىستان رد فعل واضح على أولى طلقة أطلقها المسدس الإرهابي. فبوصلة الاتهام وجدت جهتها الصائبة دون شك فـ«رد الحجربالحجر و البادئ أظلم » و«إنا من المجرمين منتقمون».
بوصلة الاتهام
در همینه زمینه :
التحلیل