• جمعه 28 اردیبهشت 1403
  • الْجُمْعَة 9 ذی القعده 1445
  • 2024 May 17
سه شنبه 28 آذر 1402
کد مطلب : 212750
+
-

جيش العدو يحترق في أتون غزة

جيش العدو يحترق في أتون غزة

مهدي عزيزي- خبیر سیاسي

واصلت قوات الاحتلال الصهيوني عدوانها الغاشم العبثي على قطاع غزة، لليوم الـ 73 تواليا، حيث شنت غارات على عدة مناطق في القطاع، اسفرت عن استشهاد واصابة المئات من المواطنين، جلهم من الأطفال والنساء، وفي الوقت الذي تستمر فيه هذه العملية الصهيونية الفاشلة لمن يتابع قراءة لمجرياتها، يرى العديد من المهتمين بتطورات القضية أن جيش العدو يضع نفسه على المحك ان لم يكن قد حدث ذلك سلفاً، ذلك لأنه أقدم على خطوة انتحارية باجتياحه الفاشل لغزة، ثانيا يبدو بشكل جليّ أنه يحترق في أتون حرب إستنزاف مُهلكة لجنوده المتحصّنين في دباباتهم وهم يرتدون حفاضاتهم نظراً لأن جيش الإحتلال اشتهر على مستوى العالم بأنه جيش "الحفاضات" التي يرتديها جنوده خوفاً من الخروج من آلياتهم ومواجهة المقاومين في ميدان المعركة.
ولكل من يستفهم لماذا تعدّ غزة كابوساً للعدو الصهيوني، عليه مراجعة بعض الأمور، حيث تُمثِّل غزة عُقدة خاصة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، فهي أكبر القلاع الباقية لمقاومة الفلسطينيين ضد محاولات محوهم وتصفية قضيتهم، وهي تكتظ بفصائل المقاومة الفلسطينية التي باتت العدو الأول والتهديد الرئيس لكيان الاحتلال. يبدو غريبا أن تنجح جماعات المقاومة محدودة العدة و العتاد في إيقاف الحياة وإلحاق الضربات بقوة نووية تملك واحدا من أقوى جيوش المنطقة -بل والعالم- بحسب الدعاية التي تروِّجها دولة الاحتلال باستمرار، خاصة أن الولايات المتحدة وأوروبا تصطفان إلى جانبها منذ تأسيسها، هي ذات القوّة التي عجزت عدّة دول عربية من الإنتصار عليها في شتى حروب إندلعت منذ عدّة عقود، إلاّ أن المقاومة سواء كانت في فلسطين او لبنان أثبتت قدرتها على  كبح جماح العدو الصهيوني الذي لولاً هذه المقاومة لما كان سيكتفي بابتلاع فلسطين إنما كان سيقتطع أجزاءً من دول أخرى ان سنحت له الفرصة.
تقول دراسات عسكرية أجراها مركز "راند" التابع للجيش الأميركي إن تحليلات محاولات الغزو البري لغزة منذ عام 2008 م كشفت للقادة الأميركيين أن إسرائيل لم تتمكن في أي مرة من سحق المقاومة، بل كانت مُجبَرة في كل مرة على التكيُّف على أرض مدنية ذات طبيعة معقدة مع خصم محدود الإمكانات مقارنة بها. أما أخطر ما تمتلكه المقاومة -على حد وصف التقرير- فهو أنها خصم هجين قادر على الانتقال من الحرب غير النظامية أو حرب العصابات إلى الحروب التقليدية، وهي معادلة وضعت الاحتلال في مأزق إستراتيجي منذ 2008م.
من بين كل أدوات القوة التي تمتلكها حركة حماس تأتي الأنفاق على رأس التهديدات الأمنية لجيش الاحتلال، حيث تضم الشبكة الخاصة بها آلاف الأنفاق تتفرع في متاهات تحت الأرض مسلحة بالخرسانة، ويبلغ طولها الإجمالي نحو 500 كيلومتر، ويصل عمق بعضها إلى 70 مترا تحت الأرض. وقد أتاح ذلك السلاح للمقاتلين التنقل بحرية نسبيا بعيدا عن القصف، والتحرك في جميع أنحاء غزة دون تعريضهم للخطر أو للكشف من قِبَل الرصد الجوي، وكذلك إعادة إمداد القوات، وتخزين الأسلحة والصواريخ، وإخفاء الأسرى، وشن هجمات مفاجئة.
بناءاً على تلك الأسباب المذكورة سالفاً نرى أن جيش العدو يواصل هجماته العشوائية التي تستهدف المدنيين بمجملها لأنه ليس أمامه خيار سوى القتل والتدمير وأرتكاب المجازر، ذلك لأنه يعلم بأنه عاجز عن تحقيق أي انتصار أمام المقاومة في غزة التي تحصّنت في "قلاع تحت الأرض"، فالجيش الذي كان يعرف حتى السنوات الأخيرة بالجيش الذي لا يقهر وحاول على الأقل التظاهر بأنه جيش قوي، بات محاصراً في مستنقع غزة منذ أكثر من 70 يوماً، كما علينا الإشارة الى أن إسرائيل لا ترحم حتى أسراها العسكريين والمدنيين، إذ نراها لا تولي لهم أي أهمية عندما توجه ضرباتها الإجرامية نحو القطاع، ولم يكن مستبعدا هذا السلوك الإجرامي الذي فاجأ العالم بأجمعه. ولهذا نستخلص مما سبق أن مقتل أكثر من 19 ألف مدني، معظمهم من النساء والأطفال، لا يشكل إنجازاً عسكرياً لإسرائيل بأي شكل من الأشكال.



 

این خبر را به اشتراک بگذارید